هي مطربة برتغالية زارت مصر مؤخراً وأحيت حفلاً مميزاً في دار الأوبرا المصرية، رقص فيه الجمهور على نغمات صوتها ذو العرب العالية والنبرة الغجرية الصادقة وطار بهم إلى البرتغال في رحلة سياحية ممتعة للإستماع إلى غناء الصيادين المرح المغلف بالشجن أو غناء الفادو الشعبي ..أننا نتحدث عن المطربة ماريزا التي لقبوها بأم كلثوم الغرب.
منذ صعود ماريزا على المسرح خطفت الأنظار بصوتها الدافئ القوي الذي يفوق حجمها الضئيل بمراحل خاصة عندما بدأت كلامها بكلمة "مرحبا ومساء الخير" فكسرت المساحة التى كانت بينها وبين الجمهور العربي الذي لم يسمعها أغلبة من قبل كما خلقت ماريزا نوعاً من الحميمية بينها وبين الجمهور بكلامها قبل كل أغنيه تقدمها سواء برواية قصة الأغنية او بحكاية عنها هي شخصياً او موقف طريف حدث لها .
وغنت سبعة عشر أغنية منهم : (اللجوء) و(المطر) و (المركب الاسود) و (اصوات من البحر) و(قبلة الحنين) و (ياأهل بلدي) التى تم اختيارها لكون الموسيقى التصويرية لفيلم ايزابيلا والتى حصلت على جائزة الدب الفضي لأفضل موسيقى تصويرية فى مهرجان برلين السادس والخمسون بجانب أغنيه "فادو" الخاصة بها .
وتميز عرض ماريزا بالإبهار فى الإضاءة التى كانت ملائمة لحالة أغانيها وساعدها أعضاء فرقتها القليلة التى لم تتعدى 2 عازفي جيتار أسباني وعازف بزق وعازف بيانو وترومبيت واّخر بركشن ودرامز الذي قدم اكثر من سولو أبهر الحضور وصفقوا له فترة طويلة لدرجة جعلت ماريزا تداعبه قائلة : " أعتقد أنهم أحبوك بمصر..أنصحك بالإقامة هنا!!" ، بجانب رقصها على بعض نغمات اغانيها على الطريقة البرتغالية التى تشبه الرقص الإسباني لكن بخطوات أكثر غجرية وحدة .
وفي نهاية الحفل فاجأت ماريزاالجمهور مفاجأتين أولهما أنها غنت على أنغام عازفي الجيتار بدون إيقاع وبدون مايك ليظهر قوة صوتها بدون أي مؤثرات أما المفاجأة الثانية فكانت الأكثر اثارة وكانت بعد أن خرجت لتحيي الحضور وطلبت منهم الوقوف لتفاجئهم أنها تريد ختام الحفل برقصة يشاركها فيها الجميع ليقوم جمهور الأوبرا الذي يرتدي الإسموكنج والملابس الكلاسيكية الرسمية ويرقص على انغام وايقاع الموسيقى البرتغالية التى كانت تغنى وترقص عليها ماريزا لتختم وصلتها بحركة دائرية تشبه راقص التنورة فى سرعة ورشاقة وسط صيحات الجمهور. وتنتهى ليلة ماريزا بخروج كل جمهورها وقد رسمت على وجوههم ابتسامة وبهجة.
ولكن من هي ماريزا ومن اين جاءت؟
"اريد ان اغني للعالم " جملة قالتها ماريزا التى لم تكن بالنسبة لأهل بلدها مجرد مغنية بل هي صوتهم الملئ بالشجن والفرحة، فقد استطاعت ماريزا على مدار 7 سنوات –هي عمرها الفني- من العمل الشاق الوصول الى الشهرة العالمية ولكن من خلال المحلية لتمسكها بغناء ال"فادو" الذي يعتبر جزء هام من التراث الفني للبرتغال ونشأ نتيجة امتزاج إيقاعات الموسيقى الافريقية بالموسيقى التقليدية للبحارة البرتغال ويتميز بالطابع الهادئ الأرب الى الحزن وتناول كلمات أغانيه موضوعات متعددة منها قصص البحارة والشعور باللوعة والاشتياق للحبيب ومختلف الأحاسيس الدافئة، ويقول عنها البرتغاليون: نحن نحب ماريزا عندما تغني الفادو ولكننا لا نستطيع أن نكبح اجنحتها فهى ستحلق بعيدا ثم تعود الى وطنها...
ورغم أصولها الأفريقية التى تعود لوالدتها وجنسية والدها البرتغالية، فقد استغلت هذا الخليط لتصنع منه مزيج من الأغاني ذات الروح الإفريقية كما أنها استطاعت أن تطور طرقاً جديدة لغناء الفادو وأوضحت " ماريزا " ان كلمة " فادو " بالبرتغالية تعنى المصير أو القدر ومعنى الكلمة هو ما دفعها لتقديم هذا اللون الفنى المعبر عن التراث البرتغالي.
صوت ماريزا لم يعبر فقط عن ثقافة وفن البرتغال بل وصل الى اليونسكو لتعين سفيرة النوايا الحسنة عام 2005 وسفيرة موسيقى الفادو باليونسكو ويتم ترشيحها كأول برتغالية تحصل على جائزة جرامي وفازت ماريزا بجائزة جولدن جلوب وقامت اذاعة الـ (B.B.C) باختيارها افضل فنانة أوروبية كما قامت المؤسسة البرتغالية للصحافة الاجنبية بأختيارها اهم شخصية فى العام وفي عام 2006 قام الرئيس البرتغالي يورج سامبايو بأعطائها وسام (هنري البحار) ، كما حصلت على العديد من الجوائز العالمية والأوسمة منها جائزة نقاد الاسطوانة الألمانية عام 2001 من الصحافة الألمانية، جائزة عابرى الحواجز الاوروبية برعاية الاتحاد الاوروبى عام 2004 وحصلت على الوسام الذهبى من اكاديمية باريس للفنون والعلوم والادب عام 2008 .
شكراً للزميلة العزيزة مي نجم الدين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق