شيماء الجمال
تصوير : محمد صلاح
" بس..بس..بس إيه العسل ده؟" جملة يمكن أن تسمعها مئات الفتيات يومياً أثناء ذهابهن للجامعة وهي بالنسبة للكثيرين مجرد معاكسة عابرة ولكنها بالنسبة لفريق "خريطة التحرش الجنسي" تمثل نوعاً من التحرش وهو التحرش اللفظي. لم يعد التحرش الجنسي في مصر يقتصر على حوادث فردية بل تحول لظاهرة يومية تتعرض لها معظم الفتيات يومياً بغض النظر عن مدى درجة تحرر الملابس وهذا ما دفع مجموعة من الفتيات لإنشاء موقع على الإنترنت بعنوان خريطة التحرش الجنسي أوharassmap.org يهدف لرصد أماكن التحرش الجنسي في مصر ومن ثم العمل على حل هذه المشكلة.
وحول هذا الموقع تحدثنا مع أحد مؤسساته والمتحدثة الإعلامية بإسمه إنجي غزلان وهي ناشطة بارزة في مجال مكافحة التحرش الجنسي، أعدت من قبل عدة حملات وخطط لمواجهة ظاهرة التحرش كان أشهرها حملة "شارع آمن للجميع" تحت إشراف المركز المصري لحقوق المرأة. والتي بدأت بحديثها معنا عن بداية إهتمامها بمناهضة التحرش الجنسي قائلة : " بدأت ألاحظ ظاهرة التحرش بشكل كبير بعد التحاقي بالجامعة حيث كان علي الذهاب كل يوم من مدينة نصر لجامعة القاهرة مما كان يعرضني للكثير من المضايقات. كما لفتت نظري وبشدة حوادث التحرش الإجتماعي بوسط البلد والتحرش الذي حدث للصحفيات في إنتخابات مجلس الشعب عام 2005 و2006 فقررت أن يكون مشروع تخرجي عن التحرش الجنسي وبعد حضوري ندوة عن التحرش في الجامعة الأمريكية تطوعت مع المركز المصري لحقوق المرأة حتى أصبحت منسقة حملات وناشطة في هذا المجال".
وعن طبيعة موقع خريطة التحرش الجنسي توضح إنجي: " قمت أنا ومجموعة من الناشطات بتأسيس الموقع بالتعاون من بعض الخبراء والمهتمين بقضية التحرش الجنسي ومنهم تقنيو الكمبيوتر والناشطين والمتطوعين، بالإضافة لموقع "يوشهيدي" وهو موقع متخصص للخرائط التفاعلية. وفكرة الموقع هو أن تقوم الفتيات بإرسال رسائل إس ام إس لنا على الرقم الموضح باللوجو تشرح فيه نوع التحرش الذي تعرضت له والمكان والوقت مثل أن ترسل مثلا " تعرضت للتحرش اللفظي اليوم الساعة الخامسة عصراً في عباس العقاد" ، وهكذا تظهر هذه المناطق والأوقات على الخريطة التفاعلية على الموقع وهذا يفيدنا في عمل أبحاث وإحصاءات حول ظاهرة التحرش في مصر".
ولا يكتفى الموقع برصد أماكن التحرش فقط كما توضح إنجي بل يقوم بتفعيل خطوات لحل المشكلة مثل أن يرسل الموقع للفتيات اللاتي يرسلن الرسائل برقم أقرب مركز لمناهضة التحرش وفيه يمكنها السؤال عن أي إستشارة قانونية أو نفسية إن إحتاجت ذلك، وفي الأماكن التي يتكرر فيها التحرش يرسل فريق الموقع حملات للتوعية في هذا المكان تشمل السكان والبائعين والبوابين، يتم فيها مواجتهم بواقع التحرش في المنطقة وتثقيفهم ونصحهم بمكافحة الظاهرة التي قد توثر على المنطقة أو حتى تؤثر على حركة البيع. بعد الحملة يقوم الموقع بتفعيل فكرة المناطق الآمنة عن طريق الإتفاق مع بعض اصحاب المحال التجارية على مناهضة التحرش بالمنطقة أو أمام المحل ووضع ستيكر "منطقة آمنة " على المحل مما يعني أن الفتاة المتحرش بها يمكن أن تستغيث بصاحب المحل أو حتى تقف أمامه وهى تشعر بالإطمائنان، وتحلم إنجي ان تنتشر ستيكرات المناطق الآمنة مثل ستيكرات ممنوع التدخين التي أصبحت موجودة في كل مكان في مصر تقريباً.
ويعرف القائمون على الموقع التحرش بأنه " أي فعل أو لفظ أو حركة أو لمسة قد تتعدى على خصوصية المراة وتمنعها من ممارسة حياتها الطبيعية حتى إن كان هذا الفعل هو مجرد نظرة متفحصة" ولهذا لا تتعجب إذا وجد ت ال"بسبسة" مصنفة في الموقع كنوع من أنواع التحرش.
وحول هذا النقطة تضيف إنجي: " المشكلة في قانون التحرش الجديد ليس العقوبات فقط بل تعريف التحرش نفسه التي يأتي غير واضح وطرق الإبلاغ عن حوادث التحرش وهي غير واضحة أيضاً وغير مفيدة. كما أن بعض العقوبات غير منطقية فما الفائدة من سجن فتى عمره 15 سنة بسبب قيامه بمعاكسة ماذا سيستفيد المجتمع مكن سجنه على العكس نحن هكذا نصنع مجرماً، على العكس نقترج أن تكون هناك عقوبات مدنية مثل تنظيف الشوارع الإجباري أو الفصل لفترة معينة من المدرسة أو الجامعة مع الإعلان عن السبب أو حتى حلاقة الشعر كما كانوا يفعلوان قديماً لانها كلها عقابات نفسية بالمقام الأول.
وتتذكر إنجى نهى رشدي أول فتاة يتم الحكم لصالحها في قضية تحرش قائلة: " كنت مع نهى في المحكة أنا وكثير من الناشطات وأعضاء الجمعيات وأنا أعتبر أن هذه الفتاة هي أشجع فتاة في مصر لأنها لم تستسلم وقررت أن تأخذ حقها بالقانون وقد كانت محظوظة لأن والدها دعمها حتى تحصل على الحكم. وبجانب نهى رشدي حدث تعاون كبير بين فريق خريطة التحرش الجنسي وفريق عمل فيلم 678 فقد كان فريق الموقع يحضر في معظم ندوت الفيلم ويوزع المنشورات والإستيكرات.
وفي نهاية حديثها تؤكد إنجي غزلان على ضرورة ألا تخجل الفتيات من الإعتراف بتعرضهن للتحرش و الحديث حول هذا الأمر بصراحة، لان المجتمع للأسف مازال يخجل من ماقشة هذه القضايا والدليل على هذا أن ستيكر الموقع دائماً ما يتم نزعة من الأماكن التي تلصق عليه في الشوارع . تقول إنجي" حتى العمارة التي أسكن بها تم نزع الستيكر من على جدرانها أربعة مرات وفي النهاية تم الشطب على كلمة الجنسي"!!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق