حوار: شيماء الجمال
تصوير: بسمة فتحي
بين قصاصات القماش وأوراق العطاءات والمناقصات اختارت المهندسة صباح سالم أن تقضي أيامها القادمة تاركة وراء ظهرها كل النظرات التي تتعجب من كونها مهندسة ميكانيكا وفنانة خيامية في الوقت نفسه. وبين لوحات الخيامية التي تصنعها قضينا بعض الوقت معها لإكتشاف علمها المزدوج.
كانت صباح تعشق الفنون منذ صغرها وفازت في المرحلة الإعدادية بجائزة على مستوى الجمهورية في الرسم وكانت دائماً ما ترسم مدرسيها بشكل كاريكاتوري مما جعل الجميع يتنبأ لها بمستقبل فني ولكن تفوق صباح الدراسي جعل والديها يصرا أن تلتحق بكلية من كليات القمة تليق بمجموعها الكبير وأن تمارس الفن كهواية فقط فإلتحقت صباح بكلية الهندسة وتخرجت وعملت كمهندسة في احدى شركات المقاولات.
تقول صباح: بعد التخرج لم أستطع أن اقاوم حبي لدراسة الفن فدرست دراسات حرة في قسم الخزف بكلية الفنون التطبيقية لمدة سنتين وأقمت بالفعل معرضاً للخزف عام 2002 في معهد جوته. وبعد فترة بدأت أهتم برسم الكوميكس ورسمت عدة قصص فقررت أن أدرس الرسم في كلية فنون جميلة بشكل حر وهناك تعرفت على أحد دكاترة الكلية والذي قال لي بأني مستواي متقدم وأنه لا حاجة بي للدراسة الحرة في الكلية وأن كل ما أحتاجه هو الممارسة الحية فأخبرني بوجود جماعة تدعى اللقطة الواحدة بكلية الفنون الجميلة يقومون بالرسم كل اسبوع وبالفعل هاتفت دكتور عبد العزيز الجندي مؤسس الجماعة وأنضممت لجماعة اللقطة الواحدة عام 2004.
أما دخول صباح مجال الخيامية فجاء عن طريق دكتور عز الدين نجيب الناقد والفنان وصاحب جمعية أصالة لأحياء الفنون التراثية والمعاصرة الذي عرفها على أستاذ اشرف هاشم فنان الخيامية و الذي قام بدوره بتعليمها وعن هذا تضيف صباح: درست فن الخيامية نظرياً وعملياً لمدة شهرين عرفت حينها أن هذا الفن يعتبر "صنعة " مهمة جداً يمكن أن تكون مصدر رزق لكثير من الأسر المصرية وخصوصاً السيدات اللاتي يودون العمل من المنزل ولكن المشكلة أن هذه الأسر تقوم بتقديم نماذج هذا الفن بالطريقة التقيليدية أو كما أسميها "المتحفية" وهي طريقة تصلح للسائحين فقط ولا تصلح للإستخدام اليومي للزبون العادي ولهذا قررت –بناء على نصيحة استاذ عز الدين –أن أحاول تطوير هذا الفن عن طريق تقديم تصميمات معاصرة تجعله فناً دارجاً يمكن تطويعه في العديد من التصميملات والموديلات الحديثة.
المشكلة الكبرى التي أكتشفتها صباح هو أن هذا الفن الذي من المفترض أن يكون فناً راسخاً ومتأصلاً لدى الأسر البسيطة أصبح الآن مجهولاً بالنسبة لهم فقد اكتشفت أن الكثيرون لا يعرفون بالتحديد من هو فن الخيامية ولا كيفية تطبيقه واذا أغفلت الأسر البسيطة هذا الفن الجميل فإنه للأسف سوق ينقرض وهو ما لا تريد صباح بالتحديد أن يحدث، ولهذا فقد تبنت صباح فكرة نشر هذا الفن بين الأسر الفقيرة والشباب العادي وطلاب فنون جميلة عن طريق تقديم تصميمات حديثة وعقد ورش مجانية وتعليم الغير وعمل الأبحاث حول الخيامية.
أول معرض للخيامية اقامته صباح هو معرض "لقطة خيامية" والذي أقيم في جاليري سلامة عام 2007 وكان يغلب على تصميماته العرائس المختلفة وذلك بسبب الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها صباح عند اجراء الزيارات المتكررة لمخرن مسرح العرائس مع جماعة اللقطة الواحدة. كما اشتركت صباح بالخيامية في بعض المعارض الجماعية منها معرض خطوط وخيوط .
ومن خلال زياراتها المتكررة لشارع الخيامية لاحظت صباح بعض الصفات التي تميز هذا الشارع والتي تحدثنا عنها قائلة: أشعر بمتعة شديدة عن التجول في شارع الخيامية والتعرف على هذا الفن والقائمين عليه وتوجد أسر تشتهر بإمتهان هذه المهنة ومن أشهر الأسر أسرة هاشم وأسرة فتوح الذي قضت معهم صباح الكثير من الوقت وخصوصاً الأستاذ أشرف هاشم الذي ساعدها في اجراء العديد من الأبحاث حول المهنة والتقاط العديد من الصور لصناع الخيامية وجلستهم المميزة. وعن هذا تعلق صباح: يعتقد الكثيرون أن ممارسو مهنة الخيامية هم صنايعية غير متعلمين أو من مستوى إجتماعي منخفض ولكن هذا ليس الواقع فهم مهندسون ومحاميون ويعلمون في مهن مرموقة ولكنهم يعشقون بحق هذا الفن الأصيل.
كما تضيف صباح بأن هناك أشكال في الخيامية ثابتة لم تتغير منذ فترة طويلة وهي وحدات الزخرفة الإسلامية والفن الفرعوني مثل لوحة نفرتيتي واخناتون وأوزات ميدوم وهناك أسرة متخصصة لكل نوع من أنواع فنون الخيامية أما اللوحة الشهيرة التي كانت موجودة بكثرة في فترة ما واختفت الآن فهي لوحة راقص المولوية التركي الذي يرتدي الجلباب وهي لوحة يقال أن أحد الأتراك جلبها لمصر وقام الصنايعية بتقليدها وهي مختلفة عن لوحات راقص التنورة المصري لأن المولوية أصلها تركي وليس مصري.
وعن ممارسة المرأة لهذه المهنة تقول صباح: اعتاد مجتمعنا على أن صناع الخيامية من الرجال وهذا بسسب أنهم دائماً يجلسون في المحلات ويتعاملون مع الزبائن وتحمل المحلات أسمائهم ولكن في الواقع تقوم العديد من السيدات بممارسة المهنة في المنزل و عرض منتجاتهم في المحلات كما أن جمعيتي فداء وأصالة يقمن بتعليم السيدات.
وفي نهاية حديثها تضيف صباح بأن الكثير من السيدات تعتقدن بأنهن لا يمكنهن ممارسة فن الخيامية لأنهن لا يجدن الخياطة ولكنهم عندما يمسكن بالإبرة والخيط يكتشفن أنهن قادرات على التعلم وفي وقت سريع أحياناً، فإذا لم يحاول الشخص البحث عن مواهبه وإمكانياته فلن يكتشف ابداً الكنز الذي يحمله بداخله وهذا ما احترمته أسرة صباح فيها فأصبحوا الآن يشجعونها جداً على أن تكون فنانة خيامية من الدرجة بجانب كونها مهندسة.
هناك تعليق واحد:
اشكر الفنانة صباح على اعمالها الجميلة واطلب منها عمل هذه اللوح الجميلة على شكل عرائس الليلة الكبيرة واستعادة عمل اوبريت الليلة الكبيرة مرة اخرى وعرض هذه العرائس فى هذا الاوبريت
إرسال تعليق