الثلاثاء، 18 مايو 2010

وجوه الفيوم تعود من جديد



كتبت: شيماء الجمال

اذا مررت هذه الأيام من شارع سيد البكري في حي الزمالك الهادئ فربما يستوقفك جاليري صغير اسمه آرت كورنر وربما تلفت نظرك اللوحات الصغيرة المعروضة به والتي تحمل كلها رسومات لوجوه أشخاص يبدو أنهم من زمان آخر.

اللوحات هي عبارة عن محاكاة للوحات "وجوه الفيوم" الشهيرة التي كانت ترسم في الماضي وقد رسمها فنانون شباب يرأسهم الفنان محمد عبلة –مؤسس متحف الكاريكاتير- والذي شارك معهم بثلاث لوحات في معرض وجوه الفيوم، دعنا نصطحبك في جولة إلى هذا المعرض ..

يبدأ الفنان محمد عبلة حديثه عن المعرض قائلاً: المعرض جزء من أنشطة مركز الفيوم للفنون الذي افتتحته في عام 2006 وفي كل عام نقوم بتنظيم ما يعرف بالأكاديمية الشتوية وهي استضافة شتوية للفنانين تمتد من أسبوعين إلى ستة أسابيع يقوم فيها الفنانين بتقديم فكرة مبتكرة أو تعلم تكنيك جديد، وفي هذه السنة استضفنا فنان إنجليزي يدعى جون أوكارول متخصص في تكنيك الفن الأثري القديم وقد قررنا هذه السنة أن نتعرف أكثر على وجوه الفيوم من حيث خلفيتها التاريخية والتكنيك المتبع في رسمها على أن يقوم كل فنان في النهاية برسم الوجوه من وجهة نظره الخاصة.

ويعطينا عبلة نبذه عن وجوه الفيوم ويقول: هي لوحات تحمل صور وجوه الأشخاص(بورتريهات) وهي نتاج التقاء الحضارة الإغريقية والرومانية مع الحضارة المصرية القديمة وقد كانت ترسم للشخص أثناء حياته وتعلق في منزله وبعد موته توضع على تابوته تماماً كما كان المصري القديم يضع القناع على التابوت بغرض تعرف الروح على المومياء ولكن لأن القناع الفرعوني كان مكلفاً جداً لأنه كان يصنع من الذهب لجأ سكان الفيوم في الحقبة الإغريقية لفكرة اللوحات كبديلاً عن القناع وهذا ما ساعد على أن تنتشر بورتريهات الفيوم بين عامة الشعب حيث كان القناع في مصر القديمة مقتصراً على الطبقة الحاكمة وكبار رجال الدولة، لهذا فبورتريهات الفيوم تعتبر فناً شعبياً وليس ملكياً.

وسر التميز في وجوه الفيوم أنها ظاهرة غير متكررة في التاريخ المصري حيث رسمت فقط في حقبة معينة وفي منطقة معينة في مصر وتوقف رسمها بعد ذلك رسمياً وكثير من الفنانين يؤكدون أن وجوه الفيوم تعد الأب الروحي للمدرسة التعبيرية في الفن الحديث.

وتتميز هذه اللوحات أيضاً باكتمال رسم تفاصيل الوجه، مع العيون الواسعة بشكل غير عادي، ومعظمها مرسوم على الخشب، وهي تصور رجال وسيدات وأطفال في مختلف المراحل العمرية، في أبهى الصور المزينة بأجمل الملابس والحلي وتعتبر هذه اللوحات في نقطة الوصل ما بين الفن في العصور القديمة، والعصور الوسطى، وقد أثر هذا الفن بشكل كبير على فن الأيقونات القبطي و يطلق على هذه اللوحات اسم (وجوه الفيوم) رغم أنه تم العثور عليها في منطقة سقارة، لأن القسم الأكبر منها عثر عليه في الفيوم في مرحلة مبكرة من تاريخ التنقيب عن الآثار المصرية، حيث كان أول من عثر على هذه الوجوه في الفيوم والهوارة المنقب البريطاني (وليم ماثوس تيري) في عام 1888 واستطاع اكتشاف 146 لوحة من أصل 1000 لوحة.

ويحدثنا عبلة عن التكنيك المتبع في رسم هذه اللوحات قائلاً إن هذه اللوحات ترسم بإستخدام شمع العسل بعد أن يتم صهره وخلطه بالأكاسيد المختلفة على أن يكسى الخشب أولاً بطبقة من الجبس والغراء وتستخدم السكين مع الفرشاه في الرسم.

استمرت الورشة ستة أسابيع واشترك فيها العديد من الفنانين الشباب من مختلف الجنسيات والأعمار والخلفيات الثقافية وذلك عن طريق ملأ الإستمارة الموجودة على موقع مركز الفيوم وإرفاق بعض الأعمال للفنان ويقوم محمد عبلة بإختيار الفنانين بمعاونة لجنة تحكيم مسئولة عن فرز الإستمارات ويوفر المركز الإقامة المجانية للحضور على أن يتكفلوا بمصاريف الطعام والشراب والمصاريف الشخصية.

التقينا ببعض الفنانين المشاركين في المعرض وكان منهم صوفيا أحمد التي بدأت تروي قصة معرفتها بالفنان محمد عبلة فتقول أنها التقته في أحد معارضه في 2009 وعلمت بأمر الورشة التي يقيمها فقدمت أعمالها وتم قبولها وقد قضت صوفيا الست أسابيع كاملة في الفيوم لأنها متفرغة للفن تماماً. وأكثر ما أعجبها في تكنيك رسم بورتريهات الفيوم هو اتصال الفنان بالخامة وارتباطه بها لأنه يقوم بصنع الألوان بنفسه.

أما هاني عبد الفتاح فهو يعرف محمد عبلة منذ عدة سنوات وقد استفاد كثيراً بتعلم هذا التكنيك الذي يظن أنه جديد على معظم الفنانين المشاركين في الورشة.

نورة سيف استمتعت كثيراً برسم العيون في الوجوه لأن لها نظرات مميزة وبالرغم من أنها لم تستطع الذهاب للفيوم سوى يوم واحد فقط إلا أنها تمكنت من رسم لوحتين وشاركت بهما في المعرض.

وأخيراً تحدثنا إلى أدهم الشرقاوي الذي بدأ يحدثنا عن نفسه قائلاً : " أنا نحات بالأساس ومعرفتي بورشة الفنان محمد عبلة قديمة جداً على الرغم من أنني لم أشترك غير هذه السنة"، وقد لاحظنا أن لأدهم لوحة يغلب عليها الطابع الإفريقي فسألناه عنها فأجاب قائلاً بأن هذه اللوحة رسمها بعد أن تعلم التكنيك وقبل أن يرى صور وجوه الفيوم، أما لوحته الثانية فقد رسمها بعد أن شاهد اللوحات مراراً.

وعن أكثر ما استفاده أدهم من هذه التجربة فهي سرعة الرسم حيث رسم البورتريه الثاني في خمس دقائق فقط فإحساس السرعة في الرسم يعطي انطلاقاً للفنان وتأثيرات جديدة.

-يمكنكم حضور معرض "وجوه الفيوم" بجاليري آرت كورنر بالزمالك وذلك حتى يوم 22 مايو.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حلو جداً :)
أنا هروح اتفرج لو لحقت !

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

زوار المدونة