الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

نيكروفيليا.. الأفضل مبيعاً في أدب الرعب



كتبت: شيماء الجمال

من النادر ان تجد في المكتبات المصرية الشبابية كتاب رعب مميز أو كتاب يدور حول عالم ماوراء الطبيعة، خصوصا لو كانت كاتبة الكتاب إمرأة.. ولكن هذه القاعدة تم خرقها بعد إصدار رواية نيكروفيليا، العمل الأول للكاتبة شيرين هنائي والذي احتل المركز السادس ضمن قائمة الأفضل مبيعا طوال الإسبوعيين الماضيين في مكتبة فيرجن ميجاستور في منافسة شرسة مع كتب الأدب الساخر وكتب كبار الكتاب.

الرواية التي تقع في 107 صفحة من القطع الصغير تأخذنا لعالم المراهقة "منسية" التي تعاني من مرض نفسي نادر يدعى نيكروفيليا مدرج بالفعل في مراجع الطب النفسي، ولكن من شده ندرته في الوطن العربي سيهيء إليك أنك تقرأ عن مرض ميتافيزيقي من المستحيل أن يصاب به شخص ما. فالشخص المصاب بالنيكروفيليا يصبح لديه إستثارة جنسية عند مشاهدة صورة الجثث أو حتى مشاهدة الجثث الميتة وقد يصل الأمر إلى حد الممارسة الجنسية الكاملة وأحياناً يضطر المريض للقتل لتوفير هذه الجثث.

الرواية تغوص في أعماق النفس البشرية بكل متناقضاتها بأسلوب أدبي قوي وسلس في نفس الوقت، حيث تحدثنا الكاتبة عن "منسية" منذ طفولتها وتستعرض كل الظروف النفسية التي مرت بها بداية من وفاة والدتها وهي طفلة ومشاهدتها لعمية تغسيل الأم، مرورا بزواج الاب بزوجة جديدةف اصابت منسية بفقدان شهية مستمر والتقيؤ عن تناول أي طعام نتيجة لتتقديمها الطعام الفاسد لها وهي طفلة. وتكبر الطفلة منسية وتصبح مراهقة نحيلة الجسد دميمة الشكل تصاب بحالات إغماء المتكرر نتيجة لسوء التغذية وفي يوم من الأيام يأخذها والدها للطبيب الشاب الوسيم جاسر الذي يرى في منسية حالة تصلح بشكل كبير لرسالة الماجستير الخاصة به فيتولى علاجها على نفقته الخاصة للتوالى الاحداث التي تنتهى بمفاجأة غير متوقعة.

تتميز هذه الرواية بأنها بصرية، فقد استفاضت الكاتبة في وصف ملامح الشخصيات والأجواء المحيطة بهم ربما بسبب كونها رسامة في الأصل مما أعطى للعمل بعداً فنياً سيشعرك وكأنك تشاهد فيلماً أو تقرأ سيناريو ويمكنك ملاحظة هذا منذ الصفحة الأولى حيث كتبت هنائي: " ساق نحيلة، برزت أوتارها، وتكاد تعد شرايينها الزرقاء المنتفخة، فخذ ضامرة، عظام حوض بارزة، ملابس رخيصة تغطي ذلك الهيكل شاحب البشرة .. يد معروقة مهتزة يغطيها كم أبيض طويل مزدان بالدانتيلا الرخيصة، حنجرة بارزة تكاد ترى فيها تفاحة آدم كأوضح ما يكون..."

تتميز كتابة شيرين هنائي بأنها لا تكتب نوع الرعب الدموي الذي يصيبك بالتقزز نتيجة المشاهد أو الألفاظ الحادة، ولكنها كتابة تلعب بأعصابط وتجعلك تعيش في أحداث الرواية بكل حواسك لدرجة أنك ربما ستشعر ببعض القشعريرة أحياناً تنتاب جسدك من وقت لآخر وهو الأسلوب الذي يعرفه قراء دكتور أحمد خالد توفيق الذي تأثرت به شيرين هنائي هو وستيفن كينج إلى حد كبير. جدير بالذكر ان الكاتبة قامت بكتابة شكر خاص لهما في بداية الكتاب يقول نصه: لقطبي الرعب- من وجهة نظري- ستيفن كينج، و أستاذ د. أحمد خالد توفيق.. أعلم أن أحدهما- أو كلاهما- لن يقرأ هذا الشكر، لكن يكفيني شرفاً أن يزين اسميهما هذا الكتاب..".

من الجميل ايضاً أن شيرين وضحت في مقدمتها سر اهتمامها بكتابة هذا العمل حيث كتبت: "لقد نشأت وقد وجدت نفسي-بلا مبرر- محبة لكل كائنات الله، وخصوصاً ما يكرهه منها البشر بلا مبرر.. عشقت العناكب والسلاحف والحرباء وما إلى ذلك من كائنات لم تجد متسعاً لها في قلوب الناس...
كنت اراقب كبف يفرق البعض بين الأسود والأبيض.. بين السمين والنحيف، بين الجميل وبين من لم يعطه الله جمال الصورة. حقاً لم أجد بعد- حتى في نفسي- ذلك الإنسان العادل الذي يعطي اهتامه وحبه لأي كائن دون الحكم عليه بمظهره. ما أرقني ثانياً هو عدم الإهتمام بالصحة النفسية للاطفال، وكأنهم لا يتاثرون بشيء، ولا يفقهون الغث من الطيب... إن ما نزرعه في نفوس أطفالنا –بلاقصد- من تفرقة ولا مبالاه لن نجنيه للأسف، بل سنجني اضعافه، وسيجني منا البرئ ايضاً ثمار زرع المذنب".

في النهاية تحسب هذه التجربة لصالح الكاتبة شيرين هنائي، المرأة التي قررت أن تحارب في معركة أدب الرعب برواية صغيرة صادمة الحقائق ولكنها إضافة مهمة لأدب الرعب في مصر ..


هناك تعليقان (2):

AHMED SAMIR يقول...

عرض اكثر من رائع
سأقتنيها في اسرع وقت ان شاء الله

شيماء الجمال يقول...

الرواية عجبتني قوي :)

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

زوار المدونة