وينك يا رفيق؟
أعشق موسيقى الجاز منذ صغري، لم أكن طبعاً أعرف أن إسمها "جاز " وكنت أحب بيللي هوليداي ولوي أرمسترونج ونات كينج كول إذا كنا يمكن أن نعتبر ما يغنيه جازاً. طوالي عمري وأنا مقتنعة أن الغرب هم ملوك الجاز إلى أن كبرت وبدأت أسمه فيروز بعناية منذ عدة سنوات، حينها فقط أدركت أن عندنا – كعرب- عملاق جاز لا ندرك قيمته، هو زياد الرحباني الذي أسرني بموسيقاه وأجبرني على أن أسمع أعماله التي كان آخر ما سمعته منها أغنية "صبحي الجيز" التي غنتها ايضاً السيدة فيروز بشكل رائع ولكنني أعتقد أنك ستعجب بإحساس زياد أكثر إذا شاهدته يغنيها على يوتيوب .
تعجبت من كلمات الأغنية في البداية فهي تقول: رفيقي صبحي الجيز/ تركني ع الأرض وراح/ رفيقي صبحي الجيز حط المكنسة وراح/ راح . تساءلت من هو صبحي الجيز؟ ولماذا يغني الرحباني ل"زبال" ؟ قررت أن ادخل على جوجل، صديقي المفضل، وأن أحكي لكم حكاية صبحي الجيز كما قراتها .
يحكي أنه كان هناك شاب فقير في السبعينات يعشق موسيقى الجاز ويلعبها بإحتراف شديد، وفي يوم ذهب ليعمل في أحد المطاعم ليكسب قوته. وكان الشاب يذهب ليعزف في المعطم كل يوم سبت ولكن المطعم كان يمنعه من عزف الجاز لأنها موسيقى غير راقية لا تناسب الطبقة الأرستقراطية التي تأتي إلى المطعم وكان الشاب يمر في طريقه بجوار صندوق قمامة ودائماً ما كان يجد عنده زبالاً يجمع القمامة، اكتشف فيما بعد أنه مناضل وطني شاب، مثقف، دفعته الظروف القاسية لأن يعمل في هذه المهنة، لقد كان صبحي الجيز هوالزبال الأاشهر في الحارات البيروتية توطدتالعلاقة مابين الشاب و صبحي وكان دائماً يتحدث معه بالساعات فأصبحوا من أعز الأصدقاء وكان الزبال يدعو صديقه "رفيق".
وفي يوم قارس البرودة مر الشاب على صديقه عند أكوام القمامة فوجده ميتاً متجمداً وهو يحتضن المقشة فركض ناحية المطعم وهو باكي العينين ووضع أصابعه على البيانو وبدأ يعزف للحضور ولأول مرة لحناً من موسيقى الجاز، فزع صاحب المطعم واقترب إليه ليخبره بأن هذا النوع من الموسيقى ممنوع بكل المقاييس ولكن الشاب لم يكترث. حينها نهضت إحدى جميلات المجتمع وقالت له موبخة بلهجة مليئة بالغرور:
"يعني هلأ إنتا شو قصتك؟؟"
نظر إليها وهو مايزال يعزف وقال:
رفيقي صبحي الجيز
تركني ع الأرض وراح
رفيقي صبحي الجيز
حط المكنسة وراح... راح
ما قالي شو بقدر أعمل لملايين المساكين
رفيق يا رفيق
وينك يا رفيق؟
حملتني إشيا كتيرة
حجار وغبرة وصناديق
غيرتلي اسمي الماضي
عملتلي اسمي "رفيق"
"رفيق" وماعندي رفيق
ورح يبقى اسمي "رفيق"
عم فتش ع واحد غيرك
عم فتش ع واحد متلك
يمشي...
يمشي... بمشي
نمشي ومنكفي الطريق
يارفيق
إذا كان زياد الرحباني هو بالفعل عازف بيانو بدأ فقيراً وكان يعزف كل يوم سبت في أحد البارات فهل صبحي الجيز شخصية حقيقية يا ترى..سؤال حيرني كثيراً.
---
ملحوظة: نقلت القصة لكم كما قرأتها، اي أنها ليست من إبداعي الخاص.
للإستماع للأغنية اضغط هنا
هناك تعليق واحد:
مدونة لذيذه ودمها خفيف
تحياتي يا صاحبة القلم، انا عندى نصيحة، حاولي تفصلي بين التدوين والصحافة لان كل منهما فن منفصل عن الاخر
إرسال تعليق