الأحد، 14 نوفمبر 2010

ياسمين حاكم: أزيائي مستوحاة من الصوفية



كتبت: شيماء الجمال

في منطقة وسط البلد وعلى أنغام الموسيقى الصوفية وبين أقمشة النول والكتان والتلي والملس، اختارت مصممة الأزياء ياسمين حاكم أن تصنع عالمها الخاص الذي إختزلته في كلمة "دلاجين" وهو الإسم الذي إختارته لمجموعة أزياءها وللأتيليه الخاص بها، ذلك الأتيليه الصغير الذي تظل تبحث في نفسير سبب تعلقك به، أهي فلسفة تنظيم المكان وجوه الحميمي، أم عبق حضارات مختلفة تحاول ياسيمن تقديمه من خلال أبحاثها وقراءاتها العديدة أم روح والدها رسام الكاريكاير الشهير " حاكم" والتي صبغت جداران الأتيليه بجو من البهجة الممزوجة بالشجن.

أسرتها كان لها أثر كبير في تكوينها الفني ولهذا بدأت ياسمين حديثها عنها قائلة: هناك أشياء لم أخترها كان لها دور كبير فيما وصلت إليه وهي أسرتي، فأبي هو فنان الكاريكاتير حاكم وأمي زينب الكردي، كاتبة وصحفية. وأختي رباب ترسم لمجلة العربي بالإضافة لآخرون لهم علاقة بالفن التشكيلي وهو ما جعلني دائماً على مقربة من الألوان والفن والرسم على الرغم من عدم إتقاني له.

ثم بدأت ياسمين تعرفنا بنفسها بشكل أفضل قائلة: أصولي سودانية ولكنني أمثل الجيل الثالث في مصر فأبي من شبرا وأمي نوبية من داخل الحدود السودانية، درست المونتاج في معهد السينما ثم عملت في شركة طارق نور وقناة A.R.T ولكن بعد فترة شعرت بالملل وبأنني لا أجد نفسي في المونتاج وبدأت أكتشف نفسي من جديد.

أولى تصميمات ياسمين كانت أيام المدرسة ابتكرته حين كانت تصمم ملابسها الخاصة بالإحتفالات المدرسية كالهالويين وغيرها، ولكن موهبتها الحقيقية ظهرت عندما ازداد وزنها وأصبحت لا تجد قياسها بسهولة إلا في قسم ملابس المحجبات أو في الموديلات الخاصة بكبار السن ومن هنا تعلمت مهارة خداع النظر وتركيب الألوان وكيفية إخفاء عيوب الجسم وقررت أن تغير نظرة الجميع للفتاة الممتلئة حتى أنها تستعين ببعض الموديلز من الممتلئات.

إستفادت ياسمين كثيراً من دراستها للمونتاج في الأسلوب الذي تتبعه في تصميماتها وهو أسلوب إستخدام الرقع أو مايعرف بPatchworkوعن هذا التكنيك أضافت: تستهويني كثيراً القراءة في الصوفية، وفي اثناء أحد زياراتي للسودان حضرت حلقة ذكر صوفي وجلست أتأمل الملابس التي كانوا يرتدونها وسألت أحد الدراويش عن مصطلح قرأته وهو "رقعة الصوفية" والذي عرفت منه ومن خلال قراءاتي أنه رمز ديني مرتبط بالصوفية، فكما يرقع السالك في الطريق عيوب نفسه بالعلم والمعرفة فإنه يرقع أيضاً عيوبه الظاهرة عن طريق ترقيع ثوبه وهوما يعرف في السودان بالمرقوع وباللغة السودانية القديمة ب"دلاجيين" وهو الإسم الذي إخرته لتصميماتي إيماناً بالفكرة وبرغبتي في أن أعبر عن هويتي السودانية.

وطبقاً لما تقول لياسمين فإن إستخدام الرقع في مجال الأزياء كان له بعد إقتصادي في البداية حيث بدأ في الولايات الجنوبية في أمريكا بواسطة العبيد الذي كانوا يجمعون قصاصات الملابس القديمة ويخيطوها معاً لتفصيل ثوب أوغطاء، ومن هنا بدأ ينتشر فن يدعى "فن الترقيع الجنوبي الأفروأمريكي" ولكننا كعرب نظرنا له نظرة فلسفية أكثر شمولية وأعمق في المعنى.

وتكمل ياسمين: بما أن خبراتنا في الحياة تراكمية فقد إستفدت كثيراً بكوني مونتيرة، علمتني المهنة أن كادر زائد كادر يساوي لقطة ناجحة، وهي لغة سينمائية تعاملت بها مع الباتش وورك فبدات أحاول عمل حوار ما بين الألوان أوالقطع المستخدمة وإستهواني جمع قطع القماش من جميع أنحاء العالم وإستخدامها كرقع على الثوب المصري لأنني مؤمنة أن مصر أم الدنيا وكما تستطيع مصر إمتصاص كل الثقافات يمكن للرقع المستخدمة على التصميم أن تكون من عدة بلدان ومع ذلك يظهر الثوب مصرياً مائة بالمائة "لأن اللي يجي على مصر هتعرف تهضمه".

تهتم ياسمين بشكل خاص بإعادة إحياء إستخدام الأقمشة المصرية التي يندر إستخدامها الآن في ملابسنا اليومية مثل النول ورمش العين والملس والموريه ( النول المصري القيم) وقلع المركب والدك، وأيضاً قماش التلي وهي أقمشة مطرزة بخيوط فضية من سوهاج، وقد تعرفت على هذه الأقمشة عن طريق التردد على "الترزية البلدي" والحديث معهم والذهاب إلى الاسواق القديمة التي تبيع مثل هذه الاقمشة مثل التربيعة والحمزاوي وأخميم.

وتعبر ياسمين عن اعتزازها الشديد بالجلابية قائلة: استهوتني فكرة الجلابية وبدأت أبحث في الجلابية المصري بأنواعها والعربي، والأفغاني، والمغربي واكتشفت في النهاية أن الجلابية العربية مستوحاه من الجلابية المصرية فقد أهدى الملك المقوقس للرسول عليه الصلاة والسلام بعض الهدايا كان من بينها ما يعرف بالقميص القباطي وهو يشبه الجلابية تماماً ولكن أقصر قليلاً وكان يتم إرتداء سروال أسفله، وقد كتب أن النبي أحب ارتداء هذا الثوب وقلده الصحابة ومن هنا انتشرت فكرة الجلابية في الوطن العربي، وصورة هذا القميص منتشرة على الإنترنت ويمكن للجميع مشاهدتها .

وتضيف: الجلاليب في مصر لها أشكال وموديلات كثيرة فهي ذات "سيالة" في منطقة الدلتا حتى يتم تضييقها في المزرعة وفي الصعيد سوداء وتحتها أخرى بيضاء ولكن في النهاية يبقى الأساس هو القميص القباطي.

وقد بدأت ياسمين مؤخراً التصميم للرجال وأغلب تصميماتها من القطن وبدون ياقة ولذلك سبب هام، وهو أن الرجل المصري يتمير بسمك رقبته كما أنها قصيرة ولهذا فالياقة لا تناسبها. والياقة في النهاية إبتكار غربي يناسب رقبة الأوروبيين الطويلة كما تعبر عن إستيائها من أزياء الرجال الحديثة قائلة: المشكلة أن المصصمين العالميين الذين نشروا أسس الموضة في العالم كله أغلبهم من الشواذ وهو يطبقون فكرهم على أزيائنا بدون أن نشعر فأصبحنا الآن نرى الرجل يرتدي قماش الليكرا المطرز بالترتر".

وفي النهاية لا بد من أن تقابل ياسمين حتى تتعرف على الكثير والكثير من النظريات والدراسات في عالم الموضة ومن جدير بالذكر أن أزياء ياسمين حاكم تباع بعدد محدود في جاليري الخاتون والقاهرة.


جروب ياسمين على الفيس بوك

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

مرحبا ممكن ايميل وعنوان الاستاذة ياسمين حسن حاكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

زوار المدونة