عندما قالت لي أمي أنني سأذهب معها لأداء العمرة هذه السنة، خفق قلبي بشدة، تساقطت الدموع من عيني وشعرت أن الزمن يعود بي للوراء.. للوراء جداً.
لم أكن أصدق أنني سأذهب لمكة مرة أخرى بعد 12 سنة من الإستقرار في مصر.. مر أمام عيني شريط سينيمائي طويل لطفولتي التي قضيتها هناك، ولم يستطع عقلي استيعاب أنني سأمشي في ذات الشوارع، وساصلي في الحرم مجدداً وساشرب عصير التوت( فيمتو) الذي يعتبر بمثابة المشروب الرسمي هناك. . لم أكن أصدق أنني سأشم رائحة بخور عبد االصمد القرشي وسآكل شيبسي تسالي وبروست البيك.. تفاصيل صغيرة ولكنها شكلت طفولتي بالكامل..
أنا لست من جيل نيللي وشيرهان، أنا لست من جيل بوجي وطمطم، أنا لست من جيل جيرسي، أنا لست من جيل جرندايزر وحالو يا حالو..لست من جيل تحيا جمهورية مصر العربية.. لست من جيل مجلة ميكي وسمير..
أنا من جيل سارعي للمجد والعلياء، أنا من جيل ماوكلي وعدنان ولينا، أنا من جيل تسالي وأصابع البوبو، أنا من جيل وإندومي أنا من جيل لبن المراعي وقشطة بوك..أنا من جيل مجلة ماجد.
أنا من جيل ملايين المصريين الذي قضوا طفولتهم في السعودية أو في دول الخليج..أنا من جيل ملايين المصريين الذين لم يشتروا فانوس رمضان.. ولم يأكلوا كحك العيد ولك يأكلو حلاوة المولد إلا عندما بلغوا ال16 عاماً.
انا من جيل "طاش ماطاش" وعبد المجيد عبد الله وفرقة ميامي.
هل ذقتم معنى الغربة؟ هل كانت أقصى أمنياتكم أن يرسل لكم شخص ما أي قطعة حلوى تحمل كلمة صنع في مصر؟
هل تعرفون ما أتحدث عنه؟
لن تعرفوه إلا إذا كنتم قد قضيتوا طفولتكم في دولة عربية..
فإذا كنتم مثلي، فهذه الكتابات لكم.. استعيدوا ذكريات طفولتكم معي..
وإذا لم تكونوا مثلي، فهي فرصة لتعرفوا معنى الغربة، لتقرأو عن فتاة قضت طفولتها في بلد عربية.. وهي فرصة أن تفكروا جيداً إذا أردتم لأطفالكم أن يعيشوا حياة مماثلة..
أحاول رصد حياة ملايين من المصريين الذي سافروا ويسافروا وسيسافروا للسعودية لتحقيق أحلام تتلخص في بيت وسيارة ومستقبل كريم لأولادهم.
معلومة سريعة:
مصمم علم المملكة العربية السعودية مصري واسمه حافظ وهبة وكان يعمل مستشاراً للملك عبد العزيز آل سعود.
هناك تعليق واحد:
انا حاسس بكل كلمه بتقوليها...انا يمكن ماعشتش طفولتى فى السعوديه...ولكنى اشتغلت فيها ومقدر جدا معنا كلمه (غربه). الكتابه بتعتك جميله جدا واتمنيلك التفوق الدائم.
إرسال تعليق