الاثنين، 28 مارس 2011

دكتور سيوس.. ذلك الطفل الكبير




اهتمامي المفاجئ بقصص الأطفال الذي بدأ مرة أخرى منذ عدة أشهر جعلني أتذكر كاتب الأطفال الأمريكي دكتور سيوس والذي اعتدت قراءة قصصه أثناء العمل كمساعدة مدرسة منذ سنتين تقريباً. قضيت حوالي ثمانية شهور في المدرسة أقرأ فيها للأطفال قصص دكتور سيوس الممتعة والتي كان أحبها إلى قلبي كتاب The foot bookأو كتاب الأقدام والذي كان يعلم الأطفال الكلمة وعكسها بطريقة غاية في اللطف وقد ساعد على حبي لهذا الكتاب الطريقة المسرحية التي كانت مس سالي معلمة الفصل تقرأ بها الكتاب للأطفال ( وأنا أكره مس سالي بالمناسبة)

Left foot, left foot, right foot right

Feet in the morning , feet at night

مازالت الكلمات ترن في أذني

الطريقة ال( كوول) التي رسم بها دكتور سيوس كتبه والطريقة الممتعة أكثر التي كتب بها كلماته -وهي طريقة الوزن والقافية أو الكلام المقفى- هي كلمة السر في نجاح هذا الرجل ومواكبته لهذا العصر وقد كنت أظن أن سيوس كاتباً معاصراً وظللت شهوراً أتمنى اجراء حديث صحفي معه قبل أن أقرأ عنه لأعرف أنه من مواليد عام 1904 وأنه توفي عام 1991! تعجبت جداً كيف لرجل من مواليد 1900 أن يكون قادراً على أسر أجيال وأجيال متلاحقة ؟! ولكن قصص دكتور سيوس ورسوماته الرائعة ستجعله دائماً حاضراً في قلوب الأطفال ومحبي أدب الطفل في أي مكان في العالم..

والآن دعوني أخبركم المزيد عن دكتور سيوس

اسمه بالكامل ثيودور سيوس جيزيل وكان يكتب تحت ثلاثة أسماء مستعارة منها دكتور سيوس وهو في رأيي اسم جذاب جداً للأطفال، عاش سيوس حياته يحلم بكائنات غريبة ظريفة ويرسمها ويبتكر أسماء لها ويكتب كتباً تتعلق بها، في البداية كان هدفه اضحاك الناس ولكن بعد ذلك وظف مهاراته لتعليم الأطفال عن طريق كتبه خصوصاً تعليم أطفال ما قبل المدرسة كيفية القراءة.


ولد سيوس يوم 2 مارس عام 1904 أي أن هذه الشهر هو عيد مولده وعندما كان طفلاً أخذ يرسم صوراً مجنونة على كتبه المدرسية لدرجة أقلقت والداه من اهتمامه الغريب بالرسم والشخبطة " ولكنهم لم يستطيعا كبح جماح هذه الهواية التي استمرت معه حتى المدرسة الثانوية ودخوله كلية دارتموث، بعد التحاقه بالكلية تمنى سيوس أن يصبح بروفيسوراً ولكنه لم يحقق حلمه بسبب تعلقه الشديد بالرسم وبعد تخرجه التحق بجامعة أخرى في بريطانيا ودرس بها وعاد مرة أخرى لأمريكا وعمل في مجال الدعاية والإعلان لمدة 15 عاماً ولكنه بدأ يتململ من العمل في الإعلانات وكان دائماً في أوقات فراغه يحاول عمل مشاريع تتعلق بالأطفال وبالفعل أنجز كتاباً عن الأبجدية وعرضه على الناشرين ولكنهم أحبطوه ورفضوا طبع الكتاب مما أصابه بالإحباط وجعله يتوقف عن الرسم لسنوات.

في عام 1936 قرر سيوس أن ينطلق في رحلة طويلة علها تلهمه بشئ يكتبه وبالفعل كتب كتابه الأول AND TO THINK I SAW IT ON MULBERRY STREET. وقام بعرضه على 43 ناشرا ًمختلفاً رفضوا جميعاً نشره وبعد عام كامل قام أحد الأصدقاء بنشر الكتب لسيوس وحينها استخدم لأول مرة اسمه الحركي "دكتور سيوس".

أثناء فترة الحرب العالمية الثانية التحق سيوس بالجيش في هوليوود وهناك صمم فيلم كارتون بعنوان Gerald McBoing-Boing ربح عنه جائزة أوسكار وبعد الحرب اتجه سيوس للكاريكاتير السياسي ورسم أكثر من 400 كاريكاتيرأ في سنتين لأحد الصحف اليسارية التي كانت تصدر يومياً في نيويورك وقد نشر معظمها في كتاب دكتور سيوس يذهب للحرب.أما كتابه المهم The cat in the hat الذي صدر عام 1954 فله قصة هامة فقد قام بعض الباحثين بتقديم تقرير عن نسبة الأمية بين الأطفال في المدارس وأوعزوا السبب لكتب الاطفال التعليمية المملة وهذا ما ألهم ناشر سيوس بأن يعطي سيوس 400 كلمة يعتقد أنها أولية ومهمة وأن يطلب من سيوس اختصارها في 250 كلمة يمكن للقارئ المبتدى استيعابها فقام سيوس بتقديم هذا الكتاب بعد 9 أشهر والذي تضمن 220 كلمة جديدة وقد نجح نجاحاً مدوياً.

وبمعاونة زوجته هيلين بالمير قام سيوس بإطلاق مجوعة كاملة لمبتدئي القراءة، منهم مجموعة كتبها ورسمها تحت اسم دكتور سيوس ومجموعة أخرى تحت اسم ليسيج ( وهي حروف اسمه جيسل بالمقلوب) ومجموعة أخرى كتبها كتاب آخرون وكان مجموع ما نشر سيوس من كتب هو 48 كتاباً ترجمت لأكثر من 20 لغة مختلفة جعلته كاتب الأطفال الأكثر مبيعا ًفي العالم.

وفي بداية حياته كان سيوس يرسم بالأقلام الرصاص أو الألوان المائية ولكن كتب الأطفال التي صدرت له في مرحلة ما بعد الحرب كان أغلبها مرسوم بإستخدام أقلام الحبر وكان سيوس غالباً ما يستخدم الأبيض والأسود فقط ولكنه لاحقاً إستخدم ألواناً أخرى في قصص مثل The lorax. وتتميز شخصيات سيوس بأن خطوطها مستديرة مع ميله لأن تكون الشخصيات متدلية أو متخاذلة بعض الشيئ ويظهر ذلك بوضوح في شكل شخصية (جرنش) في قصةThe cat in the hat كما يميل أيضاً لأن يرسم شخصيات مشعرة ذات فراء غريب الشكل ( راجع قصة The foot book).

ورغم كا هذا لم يقتصر ابداع سيوس على الفن المطبوع فقط بل كان له عالماً سرياً من اللوحات والمنحوتات والذي طلب من زوجته الثانية أودري أن تعرضها بعض وفاته لجمهوره ليرى معجبيه جانباً آخراً له، وفي عام 1997 قامت أودري بإطلاق مشروع دكتور سيوس الذي سمح للعالم كله بأن يرى لوحات ومنحوتات سيوس والمخطوطات الأصلية لقصصه وبعض وفاته انتقلت بعض من هذه الأعمال لتعرض جنباً إلى جنب بجوار كبار الفنانين في العالم أمثال بيكاسو وريمبراندت ليخلد فن دكتور سيوس ذلك الرجل الذي عاش ومات طفلاً تملاً قصصه غرف الأطفال والكبار من كل جنسيات العالم.

المصادر:

www.seussville.com

www.kidsreads.com

يمكنكم مشاهدة فيلم وثائقي ممتاز عن دكتور سيوس هنا

ليست هناك تعليقات:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

زوار المدونة