شيماء الجمال- جريدة عين
صور المعرض : بسمة فتحي
لو مررت من شارع أبو الفدا بالزمالك ووجدت فتاة في العشرينات تجلس يومياً على أحد الكافيهات وحولها الأطفال يرتدون التيشيرتات البيضاء ويمسكون بكاميرات حمراء اللون ويلتقطون الصور، لا تتعجب.. أنها سارة خازم مصورة لبنانية مقيمة بأمريكا، جاءت خصيصاً من هناك لتترجم حبها للأطفال والتصوير لمشروع "التقاط أرض الاحلام " حيث علمت أطفال الشوارع التصوير وأقامت لهم معرضاً الإسبوع الماضي بدار الأوبرا المصرية بقصر الفنون
متى بدأ تعلقك بالتصوير؟
عندما كنت صغيرة بدأت التصوير بفيديو كاميرا أهداني أياها خالي فكنت أصور كل شئ أراه ولم أكن أتصور يوماً أنني سأصبح مصورة محترفة وعندما رحلنا لأمريكا اختارت أسرتي أن التحق بقسم الفنون التشكيلية وهناك تعلمت الرسم والنحت واكتشفت نفسي من جديد في الفن، وفي المدرسة الثانوية لم يكن لدينا قسم خاص بالتصوير ولكن مدرستي فيرونيكا استشعرت أنني ربما أكون مصورة جيدة فأهدتني كاميرا " نيكون" وطلبت مني أن أنطلق في التصوير وكان هذه أول كاميرا فوتوغرافية يتم اهدائها لي وانطلقت بها أصور المناظر الطبيعية من حولي.
وماذا عن أول صورة كان لها أهمية خاصة؟
الصورة التي فتحت لي باب التصوير على مصراعيه كانت صورة لجارتنا المسنة في أمريكا، كانت ترتدي الحجاب في الصورة وكان وجهها ينبض بالطيبة وخرجت الصورة قوية جداً من الناحية الفنية مما شجعني أن أقدمها لواحدة من أهم الصحف وسعدت كثيراً عند نشرها وأعتبرت مجرد نشر الصورة جائزة كبيرة بالنسبة لي في بداية مشواري وحينها قررت أن أدرس التصوير، ودرسته في ميتشيجين لمدة سنتين ونصف.
كيف ولدت فكرة مشروعك " التقاط ارض الأحلام" ؟
دائماً كنت أفكر في كيفية مساعدة الأطفال الذين حرموا من أشياء كثيرة، وكنت مقتنعة أن للكاميرا دور هام في التعبير عن أوضاعهم وعرضها كما هي بدون رتوش وانتقلت ما بين معارض وورش عمل حتى تولدت الفكرة النهائية في يوليو 2009 وهي برنامج "التقاط أرض الأحلام" وشعرت بأن هذا هو الوقت المناسب للبدأ بتنفيذ البرنامج على الرغم من تخوفي من عدم خبرتي الكافية في ادارة المشروعات و مخاطبة جهات الدعم . بدأت في البداية بموقع على الإنترنت أشرح فيه الفكرة وأدعو فيه الناس للمشاركة وكان في الموقع خاصية تسمح بتتبع قيمة المساهمات والمدى الذي وصلت له مما شكل حماساً للمهتمين بالفكرة وساعدني أصدقائي كثيرافي جمع المساهمات وتنظيم الأمر.
ًلماذا اخترت اسم " التقاط ارض الأحلام" ليكون اسماً لمشروعك؟
Finding Neverlandهو اسم كارتون بيتر بان الشهير وفيه كان بيتر بان يعيش بخياله ولا أحد يستيطع ارغامه على أن يكبر، وهذا ما هدفت إليه في مشروعي، ان يعيش أطفال الشوارع طفولتهم مع الكاميرا وأن ينظروا لكل شيء من منظورهم الخاص لأنني لاحظت أنهم للاسف كبروا قبل الأوان، ولهذا أشتقيت اسم مشروعي من هذا الكارتون وأسميته Capturing Neverland أي التقاط أرض الأحلام.
وماهي الأهداف الأخرى للبرنامج؟
تنمية الشخصية هدف مهم، لأن الطفل بعد أن يتعلم التصوير ويعرض صوره في معرض يشعر بحلاوة النجاح والإنجاز وبأن المجتمع ينظر له نظرة أخرى بعيداً عن أنه طفل شوارع وطبعاً الموهوب من الأطفال يمكن أن يتغير مستقبله اذا احترف المهنة .
وبعد جمع التبرعات..كيف بدأت التنفيذ الفعلي في مصر؟
جمعت التبرعات التي وصلت ل3000 دولار كانت كافيه لمصاريف سفري وشراء الكاميرات والأدوات الفنية ومصاريف رحلاتي مع الأطفال وأتيت إلى مصر يوم 9 ديسمبر وقابلت مجموعة من الأطفال من جمعيتين خيريتين اخترت منهم 7 أولاد و3 بنات.
وعلى أي أساس كنت تختارين الأطفال؟
كنت أجرى حواراً مفتوحاً معهم وأطلب منهم أن يسئلوني ومن خلال أسئلتهم استطعت التعرف على طريقة تفكيرهم، كما أنني كنت اسألهم سؤالاً هاماً وهو " لو أعطيتك كاميرا فماذا ستصور بها؟" وكان هذا السؤال مهماً جداً فأحد الأطفال قال لي " سأصور الفقراء وأري صورهم للأغنياء ليعرفوا كيف يعيشون" وكان هذا الرد بالنسبة لي عبقرياً أن يخرج من طفل صغير وطبعاً كان هذا أحد الاطفال الذين وقع عليهم الإختيار .
هل يمكن أن تحدثينا عن تفاصيل ورشة التصوير ؟
استمرت الورشة لمدة 10 أيام، في أول يوم شاهدنا أفلام الكارتون وأكلنا الشيبسي والحلويات حتى نعتاد على بعضنا، وفي اليوم الثاني علمتهم كيف تكون الصورة فنية ومعبرة وكيف يكون الكادر جيداً فصنعت بروازاً كبيراً بمساحة الحائط وجعلتهم يكوَنوا عناصر الصورة لايف ولهذا ستلاحظون أنهم متميزون في كادراتهم . بعد ذلك بدأنا التصوير الفعلي بالكاميرات بدأنا بجولات حول المركز ثم قمنا بعدة رحلات إلى خان الخليلي والأهرامات وبعد كل جولة كنا نشاهد جميع الصور على الكمبيوتر ونناقشها سوياً ونستخرج منها الأخطاء ومواطن الجمال، كان الأطفال يشاهدون حوالي 700 صورة في اليوم ومنذ البداية أخبرتهم أنه سيكون هناك معرض في النهاية وكان هذا حافزاً مهماً للأطفال، في رأيي أهم من النقود والحلوى لأنهن شعروا بالتقدير وخصوصاً بعد أن أريتهم المقالات التي كتبت عنهم .
وبماذا خرجت من هذه التجربة ؟
عرفت بأن هؤلاء الأطفال مواهبهم لا تنتهي لأنه بعد نهاية البرنامج كنت أزورهم وأكتشف مواهب أخرى لديهم مثل التمثيل والغناء، أيقنت بأن أطفال الشوارع سيكونون أطفالاً فقط لو عاملناهم كأطفال أما لو افترضنا فيهم أنهم مجرمون أو مؤذون فسنجد منهم هذا الأسلوب في التعامل.
اكتشفت أن الأطفال يميلون للتكونولوجيا جداً ولتعلمها واستخدماها ولذا فمشروع التصوير – في رأيي- ربما يكون أفضل من مشاريع أخرى كالنول والمشغولات اليدوية لأنها جعلت الأطفال يتعاملون مع الكاميرا والكومبيوتر وتكنولوجيا العصر.
وهل ستبقين في مصر؟
كان من المفترض أن أعود لأمريكا في آخر يناير لكني بصراحة فضلت الوجود وشعرت بقيمة ما أفعله هنا وأقمت معرضاً لصور الأطفال في قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية والحمد لله حاز على اعجاب الجميع وما أسعدني حقاُ هو سعادة الأطفال.
ما هي الصعوبات التي واجهتيها في هذا المشروع؟
فوجئت بأنه على عكس الكثيرين ممن أعجبوا بفكرتي وأحبوا صور الأطفال هناك من لم تعجبهم الفكرة وكانوا يهاجمونني مع الأطفال أثناء وقت التصوير ويقولون لي أنت عميلة وتقبضين الأموال لتظهري بلدنا بصورة سيئة لأنك تتركين الأطفال يصورون الفقراء ! وقد تعجبت جداً لهذه الآراء فكل بلاد العالم بها مشاكل وبها فقر وهذه الصور في رأيي توضح جزءاً من المشاكل لا يمكن تجاهله ..بالإضافة لأني كنت أترك للأطفال الحرية الكاملة لتصوير ما يحبون وكان من الطبيعي أن تخرج صورهم قريبة من البيئة التي يعيشون بها. وزعم الكثيرون أيضاً بأنني أقوم بهذا المشروع لإستغلال الأطفال لتحقيق مكاسب مادية وهو غير صحيح بالمرة لأن كل مليم صرفته على هذا البرنامج مدون ومثبت بالإيصالات.
وعلى ماذا تنوين بعد المعرض؟
حالياً أنا أعلم أطفال الشوارع بدون الإستعانة بأي جمعيات، تعرفت على بعض الأطفال المتسولين في منطقة الزمالك حيث أسكن وذهبت لبيوتهم واستأذنت أسرهم أن أدربهم وأعلمهم التصوير وحالياً اقابلهم بشكل يومي.
-----------
لزيارة موقع البرنامج على الإنترنت اضغط هنا
لزيارة الجروب على الفيس بوك اضغط هنا
لزيارة جروب المصورة سارة خازم اضغط هنا
شكر خاص للمصورة سارة خازم..سارة انت فخر لكل حد مصري شكراً قوي :)
هناك تعليقان (2):
من غير مجاملة، حوار شيق جدا جدا والمميز فى المقالة ديه عن غيرها إنها مدعمة بلينكات للمشروع والفكرة.
أحسنتى بجد ياشيماء :)
شكراً يا نهى يا جميلة
إرسال تعليق