كتبت: شيماء الجمال
كثير منا يحلم ويظل طوال العمر يتمنى تحقيق أحلامه، ولكن القليل فقط من يستطيع تحقيقها ..اليوم سنتحدث عن حلم أبطاله ثلاث فتيات، استطعن بكثير من المثابرة والجهد أن يحولن مكاناً مهملاً مظلماً إلى جاليري وستوديو فتح نافذه للعديد من الفنانين الشباب وأدخل النور على حياتهم..القصة تقرأونها في السطور التالية ..
في كل الكليات التي تدرس الفنون دائماً ما يتساءل الجميع عن المستقبل وتكثر المناقشات حول ما يجب فعله بعد التخرج وهذا ما حدث مع ثلاثي "هانفننها" فريدة درة وهبة نوارة ونور عمر أثناء دراستهن للفنون التشكيلية في الجامعة الأمريكية حيث كان السؤال الدائم فيما بينهن هو "كيف سنستطيع دخول الوسط الفني وتحقيق النجاح ونحن ما زلنا في بداية الطريق؟ وهل سنجد الجاليري الذي سيقبل معروضاتنا؟" ومن هنا فكرت الصديقات في انشاء جاليري" هانفننها" ليكون بمثابة طوق النجاة لهن ولغيرهم من الفنانين.
هبة نوارة بدأت تحكي لنا عن تولد فكرة الجاليري فقالت:" تعرفت على فريدة ونور في السنة النهائية في الجامعة وتعمقت صداقتنا لأننا كنا نتبادل الآراء حول مشروعات التخرج وكثيراً ما كنا نتحدث سوياً عن أحلامنا بعد التخرج وكانت نور أول من اقترح فكرة أن نقوم بإنشاء ( جاليري وستوديو وكنا نتحدث في الأمر دائماً على اعتبار أنه أحد الأمنيات أو الخطط المؤجلة حتى شجعتنا نور على تنفيذ الفكرة فعلياً فور تخرجنا ".
وهنا حدثتنا فريدة عن المكان الذي اقمن فيه الجاليري وهو مخزن خاص بوالدها اقترحت أن يستخدمنه كبداية للمشروع وسرعان ما وافقت أسرة فريدة، بل ودعمت الثلاثي في المشروع واقترحت استغلال جزء من حديقة المنزل في عرض اللوحات واستخدام المخزن كاستوديو سواء لهم أو لفنانين آخرين. كان المخرن مغلقاً منذ مدة طويلة ومليئاً بالكراكيب مما استدعى بذل مجهود كبير شبه يومي في تنظيفه وتجديده بالإضافة للمجهود المبذول في التحضير للمشروع بوجه عام وتصميم اللوجو والإعداد لأول معرض والذي جمع الثلاثة بالإضافة لصديقتهم من الجامعة آمي .
وعن سبب اختيار اسم هانفننها ليكون اسم الجاليري تضيف نور " في البداية اقترحنا العديد من الأسماء التي لم تعجب أياً منا نظراً لأنها مكررة. وفي يوم من الأيام كنت أتحدث مع أحد صديقاتي وسألتها عن الإسم الذي تقترحه للجاليري فإقترحت أن نقوم بتسميته اسماً يتكون من الحروف الأولى لأسمائنا وبالفعل تجمعنا ورصدنا الحروف الأولى من أسمائنا بالإضافة لصدقيتنا آمي -التي سافرت خارج البلاد الآن – فأصبحت ( هانف) ثم توصلنا إلى اسم "هانفننها" الذي وجدنا أنه يرمز لنا، بالإضافة لأنه يعبر بالفعل عما نقوم به وهو محاولة نشر الفن في كل مكان".
للأسف ما يحدث في كل المجالات يحدث أيضاً في الفنون التشكيلية حيث تهتم القاعات الفنية بأن تعرض لكبار الفنانين ومن لهم مكانة وزبونهم مضمون بغض النظر عن كون فنهم متجدد أم لا وبغض النظر عن كونهم يقدمون الجديد للساحة الفنية في مصر وهذا ما دفع الفتيات لإنشاء الجاليري وأن يكون هدفه الأول هو مساندة الجيل الجديد وتشجيع المواهب الصاعدة. تضيف هبة " لا نقبل في معرضنا سوى بالأفكار الجديدة المبتكرة والتي يكون بها تكنيك جيد ولا نرحب بالأفكار التقليدية التي يمكن أن تجدها في أي جاليري كما لا نقبل ايضاً بالفن التجاري ودارستنا للفنون التشكيلية -بالإضافة لإختلاف المدارس الفنية التي تأثرنا بها- هو ما مكننا من تقييم الأعمال التي تعرض علينا سواء من الناحية الفنية النتخصصة أو من ناحية تكرار هذا العمل الفني والذي يمكننا معرفته لأننا متابعون لما يحدث في المعارض الأخرى.
وعن ذكريات أول معرض تقول فريدة درة : " معرضنا الأول كان في 19 يناير2009وقد قمنا بدعايةجيدة له ودعونا اصدقائنا ومعرفنا وفوجئنا بالعدد الكبيرالذي حضر من أناس لم نكن نعرفهم من قبل وبالطبع افادتنا هذه التجربة كثيراً كمصممين قبل أن نكون تشكيليين فقد تعلمنا كيفية عرض اللوحات بطريقة جذابة وعرفنا أماكن جديدة للطباعة ولبروزة الأعمال الفنية".
ومن المعارض الهامة لهنفننها معرض "قصر النيل" يناير 2010والذي كانت الفتيات أصحاب فكرته وهو معرض ضحم نسبياً شارك به 16 فناناَ وفنانة ما بين فنون بصرية واكسسوارات وتكوين في الفراغ Instillationبالإضافة لموسيقين عزفوا في الحديقة الخارجية للجاليري وقد أحدث هذا المعرض رد فعل قوي نسبياً . ويعد معرض الفنانة الشابة فريدة خليل هو المعرض الأخير الذي افتتح يوم 10 ابريل الجاري.
وبسؤالهم عن الخطوط الحمراء التي يضعنها أمام الأعمال المقبولة أجبن بأن التقليدية وعدم التجديد هي أول خط أحمر ترفض بسببه الأعمال بخلاف ذلك فهن مع حرية التعبير تضيف نور: " كما نطلب هذا الحرية كتشكيلين، يجب أن نمنحها للآخرين حينما يصبح القرار في أيدينا. ونحن نحترم الرأي الآخر طالما أن الفنان يعرض وجهة نظره بطريقة لا تجرح الآخرين ولا تتهكم من معتقداتهم، وعموماً يتم الحكم في كل عمل مقدم على حدة ولا يوجد قانون ثابت يسري على كل الأعمال المقدمة لنا".
تطرقنا في الحديث أيضاً عن مسألة تسعير الأعمال الفنية وسألنا سؤالاً ربما شغل بال الكثيرين، من يقوم بتسعير الأعمال المعروضة هل الجاليري أم الفنان بنفسه؟ وعن هذا السؤال أجابت فريدة بأن الفنان هو أفضل من يسعر أعماله لأنه وحده من يعرف قيمتها ويعرف مقدار الجهد المبذول فيها ولكن أحياناً قد يبالغ الفنان في تحديد سعر العمل الفني لقلة خبرته في عالم المعارض فيرفع السعر جداً أو يبخسه وحينها يأتي دورنا في اعطاءه النصيحة لأننا درسنا جيداً أسعار السوق. فمثلاً الأعمال الفوتوغرافية في المعتاد أقل في السعر من الرسم والفنان الذي يعرض للمرة الأولى غير الفنان الذي يعرض للمرة العاشرة .
في المعتاد يقوم الفنانين المبتدئين بعرض أعمالهم على الجاليرهات الكبيرة أملاً في الموافقة والتي غالباً لا تحدث، حيث تتعامل القاعات الكبيرة مع الفنانين المعروفين اعلامياً أو الفنانين الذي تباع أعمالهم بسعر عالي كما أن بعض القاعات تفضل التعامل مع الفنانين الدوليين فقط وفي كل هذه الإختيارات لا مكان للفنان الشاب الذي يمكن أن يكون أكثر ابداعاً وابتكاراً وهذا الفنان هو العنصر المهم لدى هانفننها ففريق الجاليري لا يتوان في البحث دائماً عن الفنانين الجدد المتميزين وفي نفس الوقت يفتح الجاليري باب التقدم لكل من يمتلك الموهبة حيث يقوم بملاً استمارة وتقديم ملف خاص به به نماذج من أعماله .
بدأت هبة بإلتقاط أطراف الحديث مرة أخرى متحدثة عن أهداف هانفاننها فقالت " هدفنا الأساسي هو تقديم الأعمال الفنية المتميزة التي تضيف للفن بغض النظر عن كونها أعمال للبيع أم لا، فهناك أعمال نعرف أنها لن تباع لأنها لا يمكن أن تقتنى ومع ذلك نعرضها بجانب أعمال أخرى متميزة فنياً ولكنها يمكن أن تباع وهكذا نقدم هذا المزيج من الأعمال الفنية حتى يمكننا الحفاظ على معادلة تحقيق الربح المادي وتقديم العمل المبتكر وبهذا نتجنب الوقوع في فخ المادية والإستهلاكية الفنية التي تتبعها بعض القاعات ".
وتضيف نور، متحدثة عن المنافسين، : " طبعاً لنا منافسين في هذا المجال فالفنانين الشباب يحلمون بأن يعرضوا في القاعات الكبيرة وحتى لو عرضوا معنا في البداية لا يمنع هذا أن يتجهوا للقاعات المشهورة بعد ذلك وهذا لا يضايقنا، فنحن لا يهمنا أن ننافس القاعات الأخرى في الأسماء المشاركة، بل في مستوى الأعمال المقدمة، وما نحلم به هو تقديم فنانين متميزين للساحة الفنية وما نحاول فعله هو أن نكون على نفس المستوى من الإحترافية والتنظيم بالرغم من أننا نحن الثلاثة فقط من يقوم بكل شيء.
وتختتم فريدة الحديث قائلة: " نحن نرحب بأي شخص موهوب لديه التكنيك الجيد ولكن ينقصه التدريب والتوجيه كما أن هانفننها يعتبر أستوديو أيضاً لمن يحتاج مكاناً يرسم فيه .وسنقوم قريباً بعمل أنشطة فنية مختلفة وليس فقط ورش الرسم. نتمنى أن ننظم فعاليات فنية تخدم المجتمع بوجه عام ونقدم أنواعاً جديدة من الفنون للساحة المصرية ..بإختصار عايزين نفنن مصر ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق